Sunday, June 14, 2009

مفارقات جميلة بين الرجل والمراة

الرجال :

1. إذا تجادلتي معه قال عنك : عنيدة

2. وإذا جلستي صامته قال انك : كئيبه

3. إذا لم تحبيه يحاول أن : يمتلكك

4. وإذا أحببتيه سوف : يتركك

5. إذا أخبرتيه عن مشاكلك قال عنك : مزعجه

6. وإذا لم تخبريه يقول : انك لا تثقين به

7. و إذا لم تفي بوعدك : مراوغة

8. أما إذا أخلف هو وعده فحجته : أنه كان مضطرا لذلك

9. إذا نجحتي في عملك يقول أنه : الحظ

10. وإذا نجح هو فيقول أن السبب : ذكاؤه

11. إذا جرحتيه فأنتي: : قاسية

12. وإذا جرحك فأنتي : حساسة جدا

13. بآختصار :

1.. الرجال دائماً مشغولون!

2. ورغم أنهم مشغولون، إلا أنهم يجدون وقتاً للنساء !

3. ورغم تخصيصهم وقتاً للنساء، إلا أنهم يهتمون بهن كما يريدون!

4. ورغم عدم اهتمام الرجل بالمرأة، إلا أنه دائماً يريد واحدة إلى جانبه !

5.. ورغم اختياره واحدة إلى جانبه، إلا أنه دائماً يفكر بأن يرتبط بامرأة أخرى!

6. ورغم ارتباطه بامرأة أخرى، إلا أنه يغضب إذا تركته الأولى !



.7 ورغم غضبه من إهمال الأولى، إلا أنه لا يتعظ ويرتكب نفس الخطأ ويفكر في أخرى، وهكذا!




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هي و هو

هي

تضع مولودها بعملية قيصرية، وبعد أسبوع، تجدها واقفة مقصوفة الظهر وهي تحمل رضيعها بيد وباليد الأخرى تقلب الطبخة، وفي الوقت نفسه تعتني بأطفالها الآخرين، تهيئهم للمدرسة، ترتب المنزل، وتحضر لزيارة أهل الزوج للعشاء.

هو

عند أول عطسة ايذانا ببدء نزلة برد عارضة، تجده وقد لبسه الاكتئاب، فيمتنع عن مزاولة أي نشاط،، ويأخذ اجازة مفتوحة من عمله، يطلب لنفسه وجبات خاصة، وأدوية خاصة، ومعاملة خاصة، ويتأفف ويتأوه ليلا ونهارا

وبعد كل هذا يتهم الرجل المرأة بالدلع...!



هي

تتابع مسلسلا في التلفزيون، بينما تتصفح مجلة، وتحل واجب الحساب مع ولدها، وتناقش زوجها في العملية الانتخابية، وترد على الهاتف لتهدئ أختها التي تشاجرت مع زوجها، تؤنب ابنتها المراهقة على (طوالة لسانها)، فيما تتابع كل ما سبق بنفس التركيز.

هو

يريد أن يقرأ خبرا اعلانيا في جريدة، فيصرخ: سكووووت.... خلوني أركز

هي

تذهب لوظيفتها صباحا، تعود ظهرا لتحضر الغداء، وتذهب لاجتماع أولياء الأمور لتتحدث مع المدرس عن وضع ابنها الدراسي، تأخذ ابنتها لموعد دكتور الجلدية لحل المشكلة الأزلية (حب الشباب)، وفي طريق عودتها تمر على السوبر ماركت تحضر التموين، وبعدين تعدي علي المكوجي تشوف الهدوم ماجتش ليه، تزور أمها خطفاً، وتعود بوجه مبتسم وروح مرحة لتكمل واجباتها الزوجية.

هو

يذهب الى عمله صباحا. يعود مكفهرا غاضبا لاعنا مديره والوظيفة والمرور. يجد كل شيء جاهزا. يتغدى، ينام، يقوم ليخرج مع اصحابه , يعود متاخرا لتناول العشاء، يشاهد التلفزيون (مركزا) على أي برنامج ينتهي بكلمة «أكاديمي». أخيرا يذهب الى فراشه وهو يقول.. «انتو مش حاسين قد ايه باتعب

هي

لا تنام قبل أن تطمئن على البيت كله، وتضع رأسها المثقل بالهموم على المخدة فتلاحقها الهواجس والمشاكل والتساؤلات: مرض الولد، دراسة البنت، موعد أسنان الزوج، ومباركة الخالة، وعزاء الجارة، , وهاطبخ ايه بكرة . وطارت النومة.

هو

ينام قبل أن تصل رأسه للمخدة. ويعلو شخيره ليوقظ أهل البيت.. وأحيانا الجيران. ويقوم صباحا ليقول ... تعبااااااان، مانمتش امبارح كويس

هي

تعيش على الخس والجزر، تواظب على الريجيم والأكل الصحي والرياضة..لا لشيء الا لتبدو جميلة في عينيه.

هو

يعيش ليأكل، ينمو أفقيا.. بنسبة بروز واضحة حول محيط الكرش، مرددا ببساطة مقولة: الرجالة مش بشكلهم.

http://lazeeez.com/qalam/i-429-4986.html

كيف تتم صناعة الغباء؟

مجموعة من العلماء و ضعوا 5 قرود في قفص واحد

و في وسط القفص يوجد سلم و في أعلى السلم هناك بعض الموز

في كل مرة يطلع أحد القرود لأخذ الموز يرش العلماء باقي القرود بالماء البارد

بعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يطلع لأخذ الموز, يقوم الباقين بمنعه

و ضربه حتى لا يرنشون بالماء البارد

بعد مدة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم لأخذ الموز على الرغم من كل الأغراءات خوفا من الضرب

بعدها قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة و يضعوا مكانه قرد جديد


فأول شيئ يقوم به القرد الجديد أنه يصعد السلم ليأخذ الموز

ولكن فورا الأربعة الباقين يضربونه و يجبرونه على النزول

بعد عدة مرات من الضرب يفهم القرد الجديد بأن عليه أن لا يصعد السلم مع أنه لا يدري ما السبب

قام العلماء أيضا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد

و حل به ما حل بالقرد البديل الأول حتى أن القرد البديل الأول شارك زملائه بالضرب و هو لايدري لماذا يضرب

و هكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة

حتى صار في القفص خمسة قرود لم يرش عليهم ماء بارد أبدا

و مع ذلك يضربون أي قرد تسول له نفسه صعود السلم بدون أن يعرفوا ما السبب

لو فرضنا ..

و سألنا القرود لماذا يضربون القرد الذي يصعد السلم؟

اكيد سيكون الجواب : لا ندري ولكن وجدنا آباءنا وأجدادنا له ضاربين

هناك شيئين لا حدود لهما ... العالَم و غباء الأنسان

هكذا قال أينشتاين

Thursday, June 11, 2009

هل (الفشخرة الكدابة) مرض مصري؟

محمد رفعت - خاص - أعرف زميلا اضطر للاستدانة من "طوب الأرض"، وقبل أن يحصل على أموال بالربا، حتى يقيم حفل زفافه في فندق خمس نجوم، ويدعو رئيسه في العمل، وقيادات المؤسسة لحضور الحفل، ويتباهى أمامهم وأمام أهل العروس بقاعة الفرح ونوع الكوشة وعدد أدوار "تورتة" الزفاف.

وبعد انتهاء الحفل ظل يقتطع من راتبه أكثر من النصف كل شهر، حتى يسدد ما عليه من قروض بسبب إدمانه للتفاخر والتظاهر أمام الأهل والأصدقاء والمعارف والجيران.

واذكر زميلا آخر من ايام الجامعة كان يسكن في حي شعبي قريب من حي آخر راق، وظل يكذب ويدعي أنه يعيش في حي الأثرياء، حتى انكشف أمره على طريقة فيلم "انني لا أكذب ولكني أتجمل" للنجم الأسمر الراحل أحمد زكي، وكان موقفه مخزيا وتركته الفتاة التي يحبها لا لأنه يسكن في حي شعبي عشوائي، ولكن لأنه كذب عليها وعلى الجميع!.

وأسمع من زميل آخر الآن كل يوم حكاية مختلفة عن اسباب كراهيته لنظام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ورجال ثورة يوليو الذي صادروا اراضي جده الباشا ومن والده المرحوم الذي يقول لي مرة إنه كان حكمدار في الشرطة ومدير أمن، وينسى أنه قال لي ذلك، ويحكي مرة أخرى عنه باعتبار أنه كان جنرالا في الجيش، وحارب في النكسة وفي النصر، ثم يتحول بعدها بفترة غير طويلة الى قاض ورئيس محكمة.

أما أحدث أكاذيبه لي فهي أن زوجته أمريكية، وأنه يتحدث معها الانجليزية، وقد نسي بالطبع أنني سبق أن التقيت به مع زوجته بالصدفة في أحد "المولات"، وكان مظهرها يدل على أنها عادية جدا، بل وبصراحة "بيئة طحن"!.

لكن حب "الفشخرة" وادعاء الانتساب الى الباشوات القدامى والجدد وعلية القوم وأصحاب النفوذ وعقدة الخواجة والاحساس بالدونية ومركبات النقص، كلها اسباب وراء أكاذيب هذا الزميل وغيره ومثله كثيرون.

والحقيقة أن هذه النزعة المتأصلة في بعض المصريين هي السبب في كثير من المشكلات التي نعاني منها والمصائب التي تحدث لنا، بل تكاد تكون السبب الحقيقي في خراب بعض البيوت .. وعنوسة البنات واحجام الشباب عن الزواج ..بل والسبب في كثير من جرائم الرشوة والسرقة والاختلاس، لأن محاولات البعض للظهور بمظهر لايتفق مع دخولهم الحقيقية ، وسعي البعض الآخر للتشبه بزملائهم أو جيرانهم أو اقاربهم ، حتى لا يبدو أنهم اقل منهم في الشأن أو المكانة ، وهذا ما يدفع البعض الى الكذب في بعض الأحيان، لتعويض الفارق المادي والاجتماعي ولو بالكلام، ويدفع آخرين الى الرشوة أو الحصول على المال بأي طريقة، حتى ولو كانت غير مشروعة، حتى لا يراهم الناس في وضع أقل من أقرانهم.

وقال لي مصري مغترب في احدى دول الخليج منذ سنوات طويلة، وفتح الله عليه كثيرا، بعد أن كان فقيرا، إنه لا يشعر بقيمة البدلة الغالية التي يرتديها، أو السيارة الفارهة التي يقودها، أو أي شئ يملكه او يشتريه أو يرتديه، إلا وهو في مصر، حيث يرى انعكاس صورة هذه الأشياء في عيون من يعرفهم، ويتحقق بنفسه من نظرات الاعجاب أو الحسد ..وبدون ذلك لا يشعر بأنه قد حقق شيئا.

بالله عليكم .. الا يحتاج الكثيرون منا الى الذهاب وفورا الى أقرب طبيب نفسي؟!

http://www.masrawy.com/News/Egypt/Politics/2009/june/11/Disease.aspx

Thursday, May 28, 2009

ماذا بقى فى حياة المسلمين حلالا؟


أحدث مهنة في الوطن العربي تحديدا هي مهنة الفقيه أو الداعية أو المفتي، حيث في العقود الأربعة الأخيرة تحديدا تصدرت هذه المهنة كافة المهن، فأصبحت تدرّ على أصحابها ذهبا وعسلا وشهرة من المستحيل أن يحصل عليها علماء مشهورين من وزن الدكتور فاروق الباز والدكتور أحمد زويل، وهي مهنة من خلال حالة غالبية العاملين فيها والممارسين لها لا تحتاج إلى مؤهلات عالية وصعبة، فيكفي الإلمام ببديهيات الدين الإسلامي وحفظ بعض الآيات والقرآنية والأحاديث النبوية التي يمكن لوي عنقها لتناسب الحالة أو الحدث المزمع الإفتاء فيه، ومهما كان نوع الفتوى والمقصود منها فسوف تجد قبولا عند نسبة من الشعوب التي تبلغ الأمية بينها ما لا يقل عن خمسة وستين بالمئة حسب تقارير التنمية البشرية العربية التي أعدها خبراء ومتخصصون عرب ولم تشارك في إعدادها بشكل مؤكد المخابرات المركزية والموساد.
إن طبيعة هذه الفتاوي لا يمكن أن يكون القصد منها توعية الشعوب بقدر ما هو تخريب عقولها وإشغالها بأمور ثانوية بدلا من تركيز اهتمامها على محو أميتها والارتقاء بمستواها التعليمي والفكري، واللحاق بالتقدم العلمي والتكنولوجي الذي يكتسح العالم بسرعة ضوئية، ونحن نعيش على هامش هذا التقدم بشكل مخزي إذ لا مساهمة لنا مطلقا فيه، سوى انتظار ما يبتكره الأوربيون والأمريكيون واليابانيون والصينيون، لنبدأ البحث السريع عن آية قرآنية ندعّي أنها تفسر وتتنبأ بهذا الابتكار، لتضاف لصناعة عربية بامتياز أصبح اسمها (الإعجاز العلمي في القرآن) متناسيا أصحاب تلك الصناعة الوهمية أن القرآن الكريم كتاب في الهداية والأخلاق القويمة وليس كتاب في الكيمياء وعلوم الفضاء، و هذا لا يعيبه أو ينقص من أهميته كونه لا يحتوي على آيات تفسر ظاهرتي ثقب الأوزون والارتفاع الحراري، ولماذا لم يبحثوا مسبقا عن الاختراعات التي تتنبأ بها آيات القرآن الكريم مسبقا، وتنبيه العلماء العرب لاختراعها وسبق الآوربيين والأمريكيين لذلك؟.
وهذا ما يمكن تسميته (التخريب عن طريق الدين) وهو أسهل وسائل التخريب وأسرعها، لأن كل ما يغلف بمسحة من الدين يجد طريقه سريعا لقلوب الجماهير وقناعاتهم العاطفية وليس العقلية، وعبر هؤلاء الدعاة والمفتين يتم القفز عن مقولة (المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف)، عبر إشغاله بأمور هامشية لا علاقة لها بإيمانه بربه، ولكن بإلهائه بهذه الأمور السطحية التي لا تمت بصلة للأخلاق والطريق المستقيم والتقدم في حياته، فقط هي تحقق الشهرة والنجومية والثراء السريع لأولئك الدعاة، ويكفي أن نذكر أمثلة لأشهر هذه الفتاوي، فتاوي حسب الطلب و(التيك أويه) التي تشغل هذه الجماهير الغفورة الغفيرة، وسيرى القارىء كم نحن متخلفين، وكم نحن نعيش خارج العصر، وسيجد تفسيرا لسبب هزائمنا وإمكانية انقراضنا كشعوب لها مكانتها في حراك العصر.
فتوى تحريم الدروس الخصوصية
شخص ضعيف في مادة الرياضيات أو اللغة الإنجليزية أو الكيمياء مثلا، ما علاقة الدين والشرع والفقه في مسألة اللجوء لمتخصص في هذه المواد ليعطيه دروسا خاصة تقويه في تلك المادة ليكون في مستوى النجاح والتقدم الذي لا يرفضه أي دين من الأديان؟ ما علاقة الفقه والدين طالما تلك العملية تمت حسب رغبة الشخصين حول ساعاتها وأجورها؟ أي خلل فيها يمس مبادىء الدين؟. هذا ما يبدو للعقلاء لكن المسألة لم تسلم من فتاوي واحدة تحرمها وأخرى تحللها وعلى الشخص أن يأخذ بما يناسبه من هذه الفتاوي (حسب الطلب والرغبة)، فمفتي مصر الدكتور علي جمعة كما هو منشور في موقع (إسلام أون لاين) وبناءا على استفسار من وزارة التربية والتعليم المصرية عام 2004 أفتي بـ(تحريم الدروس الخصوصية التي يعطيها مدرسو المؤسسات التعليمية الرسمية للطلاب خارج نطاق المدرسة)، في حين أن هناك فتوى ورد فيها (إذا كانت الدروس الخصوصية ليست جبرا، والمدرس يؤدي واجبه في مكان الدراسة، وكانت رغبة حقيقية من أولياء الأمور، وألا يغالي المدرس في الأجر فلا مانع منها شرعا) ويرى الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الإفتاء في الأزهر سابقا: (الدروس الخصوصية تعليم لا مانع من أخذ الأجرة عليه ما دام غير متعين على المعلم، وما دامت هناك رغبة فيه من أولياء الأمور). فمن المخطىء ومن المصيب من هذين الشيخين، ومن منهما يتبع أولياء أمور الطلبة الضعفاء في بعض المواد ويحتاجون لدروس تقوية؟. وأتذكر كم انشغلت الصحافة والمجتمع المصري آنذاك بتلك المسألة الاستراتيجية، بينما لم ينشغلا بمشكلة الانفجار السكاني والغذاء الذي يعتمد الشعب المصري فيه على المعونة الأمريكية التي لا تقل عن ملياري دولار سنويا ولولاها لدخل المجتمع المصري أبواب المجاعة فعلا حسب تصريحات مسؤولين كبار.
فتوى تحريم كرة القدم
من يتخيل أن هناك فتوى للشيخ عبد الله النجدي تقع في ستة وثلاثين صفحة تحت عنوان (الكرة تحت أقدام الصالحين) ، تدور حول تحريمه للعبة كرة القدم عبر أدلة وحجج كلها تدور حول فكرة واحدة هي (أن لعبة كرة القدم وقوانينها من أفكار الكفار ولا يجوز التشبه بهم) على أساس قول الرسول صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم)، ويجتهد لحشد العديد من الأدلة لدعم هذا التحريم، موردا أقوالا لا دخل لها بكرة القدم لإبن تيمية والشيخ حمود التويجري والشيخ عبد الرحمن بن قاسم، مستثنيا من ذلك ركوب السيارة رغم أن ركوب المسلمين لها تشبه بالكفار، لكن الاستثناء عنده يعتمد على قول للإمام مالك في كتابه (المدونة الكبرى): " ما فعله المشركون والكفار ثم فعله المسلمون فقد خرج من حيز التشبه، وما فعله المشركون والكفاروفعله فساق المسلمين يبقى في حيز التشبه). وهو يقصد أن ما يسبق إليه الكفار ويقلدهم فيه كل المسلمين فهو لا يعتبر تشبها، أما ما يسبقوننا إليه ويقلدهم البعض منا فهذا البعض فساق لأنهم يتشبهون بالكفار..هل هذا منطق يقبله العقل والدين؟. وإلا لماذا لا يحرم الإنترنت والكومبيوتر، فنسبة من يستعملها في الأقطار العربية هم الأقلية بشكل ملحوظ؟. وهو ضمن نفس السياق يحرم لعبة كرة اليد والتنس وكل الألعاب التي ابتكرها وسبقنا إليها الكفار الغربيون.
هذا وفي حدود علمي لم يتدخل فقهاء الأزهر في مصر حتى هذه اللحظة في موضوع كرة القدم تحليلا أو تحريما، وبالتالي فلعبة كرة القدم من أشهر الألعاب في مصر وكذلك في المملكة السعودية التي أصدر فيها الشيخ عبد الله النجدي فتواه المذكورة بدليل أن الفرق السعودية من المشهورة في هذا المضمار.
فتوى تحريم الجلوس على الكراسي
هذه ليست (نكتة بايخة) كما يقولون في مصر، ولكنها فتوى شرعية صادرة عن (العلامة الداعية المباركة أم أنس) وموجودة على موقعها الإليكتروني ووردت تحت عنوان (تنبيه إلى حرمة الكراسي وما أشبهها من مقاعد وأرائك، والله أكبر). وقد جاء في نص الفتوى: (إن من أخطر المفاسد التي بليت بها أمتنا العظيمة ما يسمى بالكرسي وما يشبهه من الكنبات وخلافها مما هو شر عظيم يخرج من الملة كما يخرج السهم من الرميّة)، وتورد (الداعية أم أنس) ثلاثة (وقفات) لهذا التحريم وبألفاظها هي:
أولا:(إن السلف الصالح وأوائل هذه الأمة وهم خير خلق الله كانوا يجلسون على الأرض ولم يستخدموا الكراسي ولم يجلسوا عليها، ولو فيها خير لفعله حبيبي وقرة قلبي وروح فؤادي المصطفى عليه الصلاة والسلام ومن تبعه بإحسان)، وتتناسى الداعية أم أنس أن كل منجزات الحضارة والتكنولوجيا في القرنين الماضيين من الكهرباء والغاز والسيارة والطائرة والهاتف والثلاجة...إلخ لم يعرفها ولم يستعملها الرسول والخلف الصالح، فلماذا أفتت بتحريم الكراسي فقط، ولماذا تناست أن الإنترنت الذي تنشر فتاويها من خلاله أيضا لم يعرفه الرسول والخلف الصالح؟ وهل تستعمل الإنترنت لنشر فتاويها وهي جالسة على الأرض أيضا؟. فهي إذن تمارس الحرام وتستعمل المحرمات وفي هذا ازدواجية تخلّ بفتاويها وبمصداقيتها!!!.
ثانيا: (إن هذه الكراسي وما شابهها صناعة غربية، وفي استخدامها والإعجاب بها ما يوحي بالإعجاب بصانعها وهم الغرب، وهذا والعياذ بالله يهدم ركنا عظيما من الإسلام وهو الولاء والبراء نسأل الله العافية... الأمر جلل يا أمة الإسلام فكيف نرضى بالغرب ونعجب بهم وهم العدو).
ثالثا: (ما يجلبه الكرسي أو الأريكة من راحة تجعل الجالس يسترخي وتجعل المرأة تفتح رجليها وفي هذا مدعاة للفتنة والتبرج، فالمرأة بهذا العمل تمكن نفسها من الرجل لينكحها وقد يكون الرجل من الجن أو الإنس، والغالب أن الجن ينكحون النساء وهنّ على الكراسي..... وكم من مرة شعرت المرأة بالهيجان والشبق الجنسي المحرم وذلك بعد جلوسها على الكرسي.... وكم من مرة وجدت المرأة روائح قذرة في فرجها كما خبرت وكما حدثتني بذلك بعض الصالحات التائبات من الجلوس على الكراسي ، لذلك فالجلوس على الكرسي رذيلة وزنا لا شبهة فيه). وحسب فتوى (الداعية أم أنس)، فمئات الملايين من المسلمات اللواتي يستخدمن الكراسي والأرائك والكنبات يمارسن الزنا الذي لا شبهة فيه، بما فيهن كافة طالبات الجامعات الأزهرية والإسلامية وأساتذتهن من السيدات!!. فعلا إنه أمر جلل يا أمة الإسلام!!.
رابعا: (إن الجلوس على الأرض يذكّر المسلم بخالق الأرض وهو الله جلّ جلاله وهذا يزيد في التعبد والتهجد والإقرار بعظمته سبحانه).
وأؤكد مرة ثانية أن ما أوردته ليس (نكتة بايخة) ولكنها فتوى رسمية للداعية المباركة أم أنس ويمكن قراءتها في موقعها الإليكتروني...اللهم أجرنا مما هو أعظم!.
رأي بمنع استخدام حرف إكس الإنجليزي كالوارد في كلمة

وهذه أيضا فتوى من ثلاثة صفحات للشيخ على بن خضير الخضير ويمكن قراءتها في موقع الداعية المباركة أم أنس، أجاز فيها وحلل (الكذب وشهادة الزور)، ومما ورد في فتواه "المؤمن أخو المؤمن، ولا بد أن ينصره حال طلب النجدة أو عند العلم بحاجته، ومن النصرة مؤازرته ودفع الضرر عنه. ومن ذلك الكذب، فالكذب يجوز لنصرة المسلم و ذلة سواه "، وقد ساق العديد من الحيثيات لتأييد فتواه هذه، كلها تدور حول حديث الرسول (ص) الذي رواه البخاري (ليس الكذب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا) والحديث الذي رواه الترمذي "لا يحل الكذب إلا في ثلاث: يحدث الرجل امرأته ليرضيها، والكذب في الحرب، والكذب ليصلح بين الناس) ثم يقول (والحديث صححه الألباني دون قوله ليرضيها)، ومن غير المفهوم كيف يجوز للألباني الذي جاء بما يزيد على ألف عام بعد راوي الحديث الترمذي أن يصححه ويشطب منه كلمة وهي التي توضح القصد من الكذب مع الزوجة.
رأي بمنع استخدام حرف إكس الإنجليزي كالوارد في كلمة
وأيضا هذه ليست نكته فقد وردت في مقالة للسيد عمرو محمد الفيصل، مدير شركة الدليل لنظم المعلومات السعودية في جريدة سعودية، أورد فيها أنه تقدم لتسجيل أحد منتجات شركته لدى وزارة التجارة السعودية كنوع من الحماية الفكرية لذلك المنتج، و يقول: (بعد أكثر من عام وهذا يدل على شديد اهتمام الوزارة الموقرة، أرسلت الوزارة خطابا كريما ترفض فيه تسجيل المنتج بناء على طلب من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).
وقد أشار العلماء الأجلاء بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (لا أدري ما علاقتهم بتسجيل العلامات التجارية) إلى أن الكلمة الإنجليزية تحتوي على حرف الإكس والتي لاحظت الهيئة بأنها على شكل صليب مما استفز مشاعرهم الإسلامية فأمروا وزارة التجارة بمنع تسجيل المنتج). ويواصل السيد عمرو محمد الفيصل تحليله للموقف فيقول: (الحقيقة أنني أكبر في رجال الهيئة غيرتهم الواضحة في حماية حمى هذا الدين ومن أن تتسلل العقائد الفاسدة إلى المسلمين في هذه البلاد دون شعورهم بالخطر المحدق بهم، ولكن يقظة القائمين على الهيئة حال هذه المرة ولله الحمد من وقوع كارثة لا يدري أحد عقباها.... ود من الهيئة الموقرة بالأمر على وزارتي التعليم والتعليم العالي لإلغاء علامة الزائد وهي علامة الجمع في الرياضيات وكذلك علامة الضرب حيث أنهما على شكل صليب وتخيلوا معي أن ألاف الطلبة والطالبات يستخدمون تلك الرموز الخبيثة في كل يوم ودون أدنى علم بالخطر الذي تشكله تلك الصلبان على عقيدتهم... كذلك أقترح أن تأمروا وزارة الإعلام بمنع أي كتاب أو مجلة مكتوبة بالأحرف اللاتينية حتى تستبدل حرف الإكس أينما يرد بهلال صغير من تصميم رجال الهيئة الأجلاء)... وكما هو واضح فإن هذه القضية كما أوردها السيد عمرو محمد الفيصل، لا تحتاج لأكثر من تعقيباته الهادفة المدروسة التي تضع مستقبل الأمة في أولوياتها، وهذا الجهل والتجهيل يفسر المعلومة التي تؤكد أن نسبة مستخدمي الإنترنت في الأقطار العربية لا تزيد عن 12% من مجموع شعوبها.
فتوى بتحريم اللغة الإنجليزية
وهذه أيضا ليست نكتة أو مزحة ولكنها فتوى رسمية للشيخ ابن عثيمين، ورد فيها حرفيا:
" قال شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أهل الجحيم)، فإن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، ولا يصح لمسلم التكلم بغيره ص203 . وقد سئل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله عن الدعاء في الصلاة بالفارسية فكرهه وقال (لسان سوء ولا يصح الحلف ولا الصلاة ولا سائر العبادات) ص 204... والذي أراه أن الذي يعلم صبيه اللغة الإنجليزية منذ الصغر سوف يحاسب عليه يوم القيامة، لأنه يؤدي إلى محبة الطفل لهذه اللغة ثم محبة من ينطق بها من الناس)، واستنادا لهذه الفتوى كيف نحكم على ما لا يقل عن مليار من المسلمين ينطقون بلغات أعجمية غير العربية، يدعون بها ويلقون خطب صلاة الجمعة وكافة دروسهم ومواعظهم الدينية بها، ولا يستعملون العربية إلا في قراءة ومراسم الصلوات، حتى القرآن الكريم غالبا ما يستعملون ترجمة معانيه المنتشرة بكافة اللغات، وإن قرأوا بعض الآيات باللغة العربية فهم يلفظونها بشكل غير مفهوم لهم ولمستمعيهم. وما هو الحكم على عشرات الملايين من الآباء والأمهات الذين يتعلم أطفالهم اللغة الإنجليزية منذ بداية المرحلة الابتدائية؟. وفي مقابل ذلك للحاق بركب التطور العلمي قررت الحكومة الماليزية البدء بتدريس مادة الرياضيات باللغة الإنجليزية في كافة المراحل التعليمية في المدارس والجامعات الماليزية. وضمن السياق نتذكر أن العديد من قيادات ومؤسسي جماعة الإخوان المسلمين ومنهم الشيخ العلامة سيد قطب وحركة حماس والجهاد، عاشوا وتعلموا في الجامعات الأمريكية تحديدا، فما هو الموقف منهم؟؟.
فتاوي التكفير والخروج من الملة
وهذه الفتاوي في حد ذاتها كارثة علمية وإنسانية، فبعض الدعاة والشيوخ تخصصوا في هذه الفتاوي، ويكفي أن نذكر أن للشيخ سليمان بن صالح الخراشي (شيخ الصحوة المباركة كما يقدم نفسه) زاوية خاصة اسمها (تكفير المثقفين في الوطن العربي)، ورد في قائمته تلك تكفير وتحليل قتل 70 (سبعين) كاتبا ومثقفا منهم: أحمد لطفي السيد، جبران خليل جبران، أبو القاسم الشابي، محمد سعيد العشماوي، عبد الرحمن منيف، عبد الله العروي، إيليا أبو ماضي، يوسف إدريس، نجيب محفوظ ، طه حسين، جمال الغيطاني، نوال السعداوي، فرج فودة، فؤاد زكريا، جابر عصفور، أمينة السعيد، نصر حامد أبو زيد، نزار قباني، محمود درويش، سميح القاسم، محمد خلف الله، محمد عابد الجابري، أحمد البغدادي، فرح إنطون، سلامة موسى، إحسان عبد القدوس، عبد السلام المسدي، جورجي زيدان، محمد الرميحي، غادة السمان، كاظم الساهر، أحلام مستنغامي، المطربة أم كلثوم، غازي القصيبي، محمد الأحمد الرشيد، عبد الله الغذامي، تركي الحمد، حسن المالكي، حمزة المزيني، تركي السديري، أحمد أبو دهمان، سليمان الهتلان، منصور النقيدان، المدعو محمد عبده وزمرته من المارقين، عبد الله السحان، ناصر القصبي، محمد أركون، غسان كنفاني، عثمان العمير، فهد العبد الجبار، بدر شاكر السياب، عبد الله البردوني، عبد الله البردوني، عبد الوهاب البياتي، صلاح عبد الصبور، حمزة شحاتة، أدونيس، إبراهيم الكوني، عبد العزيز المقالح، الطيب صالح، حمد الجاسر، خالص جلبي، مؤنس الرزاز، منصور الحازمي، عبد الله أبو السمح).
ولم أفهم لماذا تم تكفير كاظم الساهر وأم كلثوم وعبد الله الرويشد (كما سيأتي لاحقا)، وتم التغاضي عن قريبتي وابنة عشيرتي المطربة الفاتنة الجميلة مادلين مطر، والفنانة المحبوبة المرغوبة بنت عشيرة العجرمي البدوية (نانسي عجرم) واللهلوبة هيفاء؟. إلا إذا كانت هناك ملاحق جديدة للفتاوي السابقة تضمنت هذه الأسماء، وإن تأكدت من ذلك فكل ما يهمني بحكم القرابة والأهل (خيركم خيركم لأهله) أن أؤمن هروبا ولجوءا سريعا في النرويج لقريبتي مادلين مطر وبنت العشيرة نانسي عجرم!!.
وقد تضمنت نفس الفتوى: (تحريم جريدة الشرق الأوسط ، تكفير من يودع أمواله في البنوك، وتكفير من لا يكفر الكفرة)، وهذه البنود الثلاثة من شأنها تكفير الغالبية العظمى من المسلمين، فمن بقي مسلما حقيقيا لم يتم تكفيره؟؟. وليتنا نعرف الحيثيات التي اعتمد عليها الشيخ سليمان بن صالح الخراشي في هذا التكفير لسبعين كاتبا ومفكرا، تحتاج مؤلفاتهم لما لا يقل عن مئة وسبعين باحثا ودارسا وربما لعشرات السنين للبحث فيها وتقديم الأدلة على حقيقة تكفيرهم، فكيف تسنى ذلك للشيخ الخراشي بهذه السرعة الضوئية. والخطورة في الواقع العربي والإسلامي أن هناك بعض الجهلة المغرر بهم من يسعى لنيل الأجر والجنة الموعودة بتنفيذ القتل في هؤلاء الذي تم تكفيرهم، وعلى هذه الخلفية تم اغتيال فرج فودة، ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ قبل موته الطبيعي، وفرار نصر حامد أبو زيد إلى هولندا.
ماذا بقي في حياة المسلم حلالا؟
وتطول قائمة هذه الفتاوي التي لم تبق حلالا يذكر في حياة المسلم سوى أن يسجن نفسه في زاوية المسجد ولا يبرحها لأمتار أو لدقائق، فقد صدرت:
فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء بتحريم إهداء الزهور، فتوى الشيخ ناصر بن حمد الفهد بتحريم العطور، فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية بتحريم علم الكيمياء ويصفه بالسحر، فتوى الشيخ بندر الشويقي بهدر دم تركي الحمد ويطالب بقتله حالا، فتوى الشيخ ابن باز في تحريم القول بدوران الكرة الأرضية (رحم الله جاليلو)، فتوى الشيخ بن جبرين في تحريم عيد الحب، فتوى الشيخ ناصر بن حمد الفهد في تحريم التصفيق، فتوى الشيخ عبد الله بن جبرين في الجهاد ضد الشيعة ووجوب البصق في وجوههم، ثلاثة فتاوي مباركة في تحريم ربطة العنق وتحريم الملابس الرياضية وتحريم لعبة البلياردو، فتوى الشيخ حمود بن عقلا الشعيبي في إهدار دم المغني الكويتي عبد الله الرويشد، فتوى الشيخ صالح الفوزان في تحريم السياحة أو السفر خارج المملكة السعودية تحريما قطعيا، فتوى الشيخ ناصر الفهد في تحريم أداء التحية العسكرية وارتداء اللباس العسكري، فتوى الشيخين عثمان الخميس وسعد الغامدي في تحريم الإنترنت على المرأة بسبب خبث طويتها ولا يجوز فتحه إلا بحضور محرم مدرك لعهر المرأة ومكرها... وهناك العديد من الفتاوي، أتوقف عند هذا الحد كي لا يغضب القراء وينفسوا عن حنقهم وغضبهم بإهدار دمي مع أن دوري هنا هو مجرد نقل الفتاوي من مواقعها وناقل الفتاوي ليس مفتيا!.
أما بعد
وبعد كل ما سبق هل يمكن أن نعرف أسباب ضياع هذه الأمة وتخلفها عن ركب التطور العلمي والتكنولوجي، ولماذا تعيش على هامش الحياة وما يخترعه الغربيون، وليت هؤلاء الفقهاء والشيوخ يجيبوننا على:
كيف سنطبع القرآن الكريم والأحاديث النبوية إذا أوقفت الدول الأوربية والأمريكية تصدير ألآت الطباعة والورق للدول العربية تحديدا؟ وطالما هم يصدرونها لنا كيف سنخاطبهم ونكاتبهم عند منع تعليم اللغة الإنجليزية أم سنفرض عليهم عندئذ تعلم اللغة العربية؟؟.
كل ما يمكن قوله بالصوت العالي: في ظل هكذا عقليات وفتاوي ظلامية جاهلة: يا إلهي إلى أين ذاهبة هذه الأمة؟؟.

الختان ليس عملية طهارة وإنما عملية بتر!


خالد منتصر

بالختان نقول مرحبا بالعبودية،
ووداعا للحرية والعقل.
قراءة اجتماعية وأدبية :

ختان البنات سؤال يؤرقني منذ أن كنت طفلا أرى بنات عائلتي يسقن إلى مصيرهن وكأنهن ذاهبات إلى السلخانة. وكبر السؤال وتضخمت علامة الاستفهام عندما التحقت بكلية الطب، وعرفت أن هذه الجزارة البشرية التي يمارسها المصريون مع بناتهم لا تمت لعلوم الطب بأية صلة. وتيقّنت وتأكدت من أن العرف والعادة والتقاليد والخرافة أحيانا ما تكون أقوى من المصلحة، وأعلى صوتا من المنطق، وأشد إقناعا من الحقيقة العلمية الواضحة.

وتساءلت لماذا تدلف بناتنا من عتبة الطفولة إلى باحة أجمل سن، وهو سن المراهقة عبر نافورة من الدماء؟!.

وكيف نسمح لأنفسنا بممارسة كل هذه السادية بتقطيع أجسادهن، وبتر أعضائهن؟

ولماذا تتضخم لدينا غدة الوصاية وننصب من أنفسنا حماة للأخلاق المزيفة التي لا يمكن أن تصنعها مجرد جلدة أسمها ”البظر“، ولكن تصنعها منظومة كاملة من القيم يعلمها لنا الدين، وتلقنها لنا الأسرة، ومؤسسات المجتمع؟،

ولماذا أصبحت لدينا عقدة من ممارسة البهجة، و وسواس قهري من شعور الفرحة، ورعب وفزع من النشوة، ومصادرة لحق إنساني مشروع، وهو حق الاستمتاع بالجسد بكامل طاقاته التي خلقها الله بداخلنا؟!

كل هذه الأسئلة وغيرها توالدت في رأسي ثانية مع بدء حملة مقاومة الختان التي تبناها ”المجلس القومي للأمومة والطفولة“. ووجدت أنه لا مفر من طرحها حتى يواجه المجتمع نفسه في المرآة، ويرى تجاعيده بكل تفاصيلها وملامحها. فطرح الأسئلة أحيانا يكون أهم من الإجابة نفسها، وقليل من الاستفزاز العقلي في مثل هذه القضايا يكون مفيدا. ولذلك كان لابد من مناقشة هذا الموضوع من كافة جوانبه المتعددة المتشابكة. فختان البنات ليس مشكلة طبية أو دينية أو اجتماعية فقط، ولكنها حاصل جمع هؤلاء جميعا، ونتيجة تفاعل تلك العوامل بحيث تعد مناقشة عنصر من هذه العناصر منفردا نوعا من الغش والخداع.

من المضحكات المبكيات في قضية الختان أن يحدث الخلط الذهني، وعدم وضوح الرؤية في أذهان المثقفين بنفس درجة اللخبطة، والتشويش التي تحدث بها عند العامة والبسطاء. ويكفى أن نعرف أن أعلى صوت مدافع عن الختان هو لأستاذ لأمراض النساء والولادة بطب عين شمس. والغريب أنه يصر على مواصلة رفع قضيته ضد وزير الصحة السابق لأنه منع الختان!. وهذا يدلنا على أن الخرافة كثيرا ما تتفوق على العلم حتى ولو كان مسلحا بالدكتوراه، وهنا تكمن الكارثة، حين يتم تشفير العقول بواسطة الفكر الجمعي الذي يميل في بعض الأحيان للغوغائية أكثر من الهدوء والمنطق. ولذلك يجب أن نعرف سيناريو تلك البربرية التي تحدث باسم الدين والدين منها براء. وهذا ما سنثبته في فصل آخر بإذن الله، إنها بربرية استحقت أن تحمل اسم ”البتر التناسلي للإناث“ FEMALE GENITAL MUTILATION، وهو الاسم العلمي الجديد الذي تستحقه هذه الجزارة التي تنتمي لعقلية القرون الوسطي ولسلوك الهمج. وسنحاول قبل أي تحليل أن نتعرف عن قرب على هذه العملية التي من الممكن أن يكون المثقفون غير مدركين لمدى بشاعتها وذلك بأن نستمع إلى هذا السيناريو الدراكولى من عدة مصادر منها عالم الاجتماع الذي رصد، والطبيبة التي عانت، والروائي الذي حكى، والبنت التي بترت أعضاؤها حتى نكون على نفس موجة الإحساس، ونستطيع أن نستوعب أركان الجريمة حتى نصدر الحكم السليم.

طقوس الختان

البداية مع د. محمد عوض خميس أستاذ الاجتماع الذي يصف حفلة طهور بنت. وطبعا، نحن نسميها حفلة تجاوزا، فهي حملة دموية، وليست حفلة، وأهمية وصف دكتور خميس يأتي أولا من أنه رصد بعيون أكاديمية، وأيضا من أنه حضر الطهارة بواسطة داية وليست طبيب. والداية مازالت حتى الآن هي مندوب الشرف السامي في الأوساط الشعبية التي تمثل الغالبية، ويصف أستاذ الاجتماع هذه الحفلة السادية قائلا : يجتمع حشد من النساء الأقارب المتزوجات، وغير المتزوجات، وعدد كبير من الأطفال والأخوة الذكور، والأب، وعدد محدود وخاص جدا من الرجال، وتعم الجميع فرحة غامرة!. وتتهامس النساء فيما بينهن بجمل غاية في القباحة، والتي لها دلالة على تخلفهن الشديد مثل ”خليها تبرد نارها“، أو ”علشان ما تبقاش مالحة“، أو ”شوية يتهد حيلها“، ”الحال من بعضه“ أو ”ده يكسر مناخيرها“، أو ”بكره تتجوز ومهما الزوج عمل لا تتعب ولا تحس“.. الخ. ويعقب كل جملة من هذه الجمل ضحكات مرتفعة هستيرية دلالة على الموافقة، والترحيب مع التعقيبات ذات الدلالة الجنسية الصارخة، هذا الضحك هو نوع من أنواع الشماتة، أو تعويض لنقص، فمعظم الجالسات حدث معهن ما يحدث مع الفتاة المذكورة.. وهنا يسترعى الانتباه فيما يذكره د. خميس رد فعل المرأة التي تنكر معاناتها، وتتخفى وراء لسان طويل، وصفاقة مفتعلة حتى تثير الغبار، وتتوه القضية الأساسية. ويستكمل الدكتور وصفه قائلا : تدخل الداية، وهى سيدة كبيرة السن قوية الجسد متسخة أظافرها نافرة، معها منديل معقود به مشرط طويل عرضه حوالي اثنان ونصف بوصة يشبه سكين الجزار، وتتطوع خمسة من النسوة ذوات الصحة الجيدة من المدعوات إلى الدخول معها. ويبدأن على الفور في رفع ملابس الفتاة حتى الجزء الأعلى من الجسم ثم يوزعن أنفسهن كالأتي : إحداهن تقف عند كتفيها ضاغطة عليهما بكل قوة، واثنتان يمسكن بالفخذ الأيمن واثنتان بالفخذ الأيسر، و يفتحن الفخذين إلى آخر حد ممكن حتى يبدو العضو التناسلي للفتاة، وهى في حالة صراخ هستيري بشع، ثم تقوم الداية بمنتهى الهدوء، وبحركة سريعة جدا بضرب مشرطها قاطعة البظر تماما، ومعه جزء من الشفرتين. وبعدها يحدث النزيف الحاد من الفتاة، وهى في غيبوبة من جراء هذه العملية الإجرامية التي تتم بدون أي شفقة، وأثناء هذه العملية تكون النسوة يمضغن ”اللبان الدكر“، ويضعنه في طبق، ثم يشربن القهوة. وتترك الأكواب والفناجين دون غسيل. وتقوم إحدى السيدات بجمع بقايا القهوة في طبق أخر، يطلق البخور أثناء العملية بين النسوة المنتظرات، وتتعالى بعد خروج الداية الزغاريد الهستيرية. وتقوم إحدى السيدات بخلط اللبان الدكر، والقهوة، والبخور المحترق معا. وتقدمهم للداية التي تدخل مرة أخرى، ومعها فرقة المتطوعات لتضع الخليط السابق على الجرح، وتضغطه بشكل قاس جدا، ثم تضع فوقه قطعة من قماش خشن. وتخرج الداية مرة أخرى متلقية النقطة أي الهبة المالية من أهل الفتاة.

انتهى السيناريو البربري بفرحة الجميع وزغاريدهم، إلا واحدة فقط هي الفتاة نفسها التي من المؤكد أنها تنعزل بعيدا تلفها برودة الوحدة ودموع التساؤل.. ليه حصل معايا كده؟ وإيه الغلطة اللي أنا عملتها؟، إنها لا تعرف أن غلطتها الكبيرة هي أنها قد خلقت بنتا!.

ختان نوال السعداوي

ومن عالم الاجتماع إلى طبيبة وكاتبة مرموقة هي د. نوال السعداوي تحكى تجربتها الشخصية مع الختان، تحكيها بكل شجاعة وكل مرارة أيضا. وهذه الحكاية لها دلالة مختلفة لأنها تصدر عن طبيبة كانت وقت ختانها طفلة تنتمي إلى الطبقة الوسطي المحافظة، وإلى أسرة تتمتع بقسط وافر من التعليم والثقافة، تحكى نوال السعداوي قصة ختانها قائلة :

”كنت في السادسة من عمري، نائمة في سريري الدافئ أحلم أحلام الطفولة الوردية، حينما أحسست بتلك اليد الخشنة الكبيرة ذات الأظافر القذرة السوداء، تمتد وتمسكني. ويد أخرى مشابهة لليد السابقة خشنة وكبيرة تسد فمي وتطبق عليه بكل قوة لتمنعني من الصراخ، وحملوني إلى الحمام. لا أدرى كم كان عددهم، ولا أذكر ماذا كان شكل وجوهم، وما إذا كانوا رجالا أم نساء؟، فقد أصبحت الدنيا أمام عيني مغلقة بضباب أسود، ولعلهم أيضا وضعوا فوق عيني غطاء، كل ما أدركته في ذلك الوقت تلك القبضة الحديدية التي أمسكت رأسي وذراعي وساقي حتى أصبحت عاجزة عن المقاومة أو الحركة، وملمس بلاط الحمام البارد تحت جسدي العاري، وأصوات مجهولة، وهمهمات يتخللها صوت اصطكاك شيء معدني ذكرني باصطكاك سكين الجزار حين كان يسنه أمامنا قبل ذبح خروف العيد. وتجمّد الدم في عروقي، ظننت أن عددا من اللصوص سرقوني من سريري، ويتأهبون لذبحي، وكنت أسمع كثيرا من هذه القصص من جدتي الريفية العجوز. وأرهفت أذني لصوت الاصطكاك المعدني، وما أن توقف حنى توقف قلبي بين ضلوعي، وأحسست وأنا مكتومة الأنفاس، ومغلقة العينين أن ذلك الشيء يقترب منى، لا يقترب من عنقي، وإنما يقترب من بطني، من مكان بين فخذي، أدركت في تلك اللحظة أن فخذي قد فتحا عن آخوهما، وأن كل فخذ قد شدت بعيدا عن الأخرى بأصابع حديدية لا تلين، وكأنما السكين أو الموس الحاد يسقط على عنقي بالضبط، أحسست بالشيء المعدني يسقط بحدة وقوة ويقطع من بين فخذي جزءا من جسدي. صرخت من الألم رغم الكمامة فوق فمي، فالألم لم يكن ألما، وإنما هي نار سرت في جسدي كله، وبركة حمراء من دمى تحوطني فوق بلاط الحمام، لم أعرف ما الذي قطعوه منى، ولم أحاول أن أسأل، كنت أبكى، وأنادى على أمي لتنقذني، وكم كانت صدمتي حين وجدتها هي بلحمها ودمها واقفة مع هؤلاء الغرباء تتحدث معهم وتبتسم لهم وكأنهم لم يذبحوا ابنتها منذ لحظات. وحملوني إلى السرير ورأيتهم يمسكون أختي التي كانت تصغرني بعامين بالطريقة نفسها، فصرخت وأنا أقول لهم لا، لا. ورأيت وجه أختي من بين أيديهم الخشنة الكبيرة، كان شاحبا كوجوه الموتى، والتقت عيني بعينيها في لحظة سريعة قبل أن يأخذوها إلى الحمام، وكأنما أدركنا معا في تلك اللحظة.. المأساة.. مأساة أننا خلقنا من ذلك الجنس، جنس الإناث الذي يحدد مصيرنا البائس، ويسوقنا بيد حديدية باردة إلى حيث يستأصل من جسدنا بعض الأجزاء.

ختان الفرنسية الشقراء

تساءلت نوال السعداوي، ولكن غيرها لم يتساءلن بل رضين بأن يسقن كالقطيع إلى مصير هو كالقضاء والقدر. بل والمدهش أن الكثيرات منهن نتيجة تزييف الوعي يدافعن عن ذبحهن، تخيلوا إلى أي درجة وصل غسيل المخ بالمرأة التي تتخيل أن تقديمها كقربان على مذبح الأخلاق هو أعظم تكريم. وإذا كانت نوال السعداوي قد حكت عن تجربة ختان مألوفة لفتاة شرقية مسلمة، فإن الروائي الكبير سليمان فياض في روايته ”أصوات“ يحكى عن تجربة غير مألوفة ومدهشة لإمرأة أجنبية ظن أهل زوجها المصري أنهم بهذا الختان يحافظون على شرف إبنهم العائد من الغربة مصطحبا هذه الفرنسية الشقراء التي حتما ستخونه إذا لم يتم ختانها. اجتمعت نسوة القرية، وقررن إنقاذ شرف إبنهم حامد بختان ”سيمون“ حتى لا تصبح كما وصفوها قطة جائعة تبحث عن الرجال، وعلى لسان زينب زوجة أخ حامد التي تغار من سيمون نسمع القصة :

”أغلقت نفيسة النافذة، وأحطنا بها، فدارت حول نفسها باحثة عن مخرج. أمسكنا بها، فصرخت وقاومت، خفنا منها، فأغلقت فمها بكفي، وطرحناها على السجادة في أرض الغرفة. ورفعنا ذيل القميص الذي ترتديه، وكنا نمسك بها جيدا، وهى تناضل بكل ما فيها من قوة لتتخلص من ثمانية أيد، وقالت نفيسة : ألم أقل لكم؟، وراحت نفيسة تمارس مهمة تطهيرها بالمقص، ثم بحلاوة العسل الأسود لتزيل القذر الذي تحمله بين فخذيها، وشهقت نفيسة وقالت لحماتي : أنظري ألم أقل لك؟ أنها لم تختتن“.

وعند هذا الاكتشاف الخطير كان لابد أن يسيل لعاب النسوة لممارسة السادية الكامنة فيهن والتي تنتقل كالجينات الوراثية من جيل إلى جيل. ويكمل سليمان فياض الحكاية على لسان زينب فيقول : ”أخرجت نفيسة زجاجة من صدرها، ونزعت غطاءها، ففاحت منها رائحة البنج، وغمست في الزجاجة قطعة قطن، أخرجتها من صدرها أيضا، ثم وضعتها على أنف سيمون، رأيت في ضوء المصباح عينيها مفتوحتين على أخراهما، مليئتين بالفزع، فكرت في أن أتركها، وأدفع الكل عنها، وأوقظها، تصورت نفسي في مكانها، لكن خطر لي أنها تبهج حامد بروحها، وربما أيضا بجسدها الذي يشبه الملبن بياضا طراوة لأنها لم تختتن، وكان جسدها يسترخى تحت أيدينا، وفمها يتوقف عن المقاومة، ويتوقف الأنين المكتوم المنبعث من أنفها، وعيناها تنطبقان، وتظلان مواربتين“.. لم يشفع كل هذا الفزع لبطلة الرواية، فالخوف والرعب يشعل رغبة النسوة ويؤججها في مزيد من الانتهاك. وتكمل زينب القصة قائلة : ”أخذت نفيسة تمارس مهمتها بسعادة بالغة، والنسوة واقفات مستريحات ينظرن إلى مهمة جليلة، وفى قلق وسرور شديدين، وجذبت نفيسة ذلك الشيء حتى أخره بيده، وأخرجت باليد الأخرى موسا حادة كموس الحلاق من جيب ثوبها، وفتحته، ومسحته في جانب ثوبها، ثم ضغطت بجانب السلاح، وجذبت حد الموس بسرعة، فانفصل ذلك الشيء في يدها الأخرى، وتفجر دمها غزيرا، لم نر مثل هذا الدم من قبل على كثرة ما شاهدنا من طهارة للصبيان والبنات. وأخذت نفيسة تدس كل ما معها من قطن لتوقف النزف. لكن القطن كان يغرق بسرعة في الدماء المتدفقة من المسكينة، ودست نفيسة شالها، وشال سيمون، وكل ما طالته يدها في الدم المتفزر، والدم لا يتوقف، والقماش يغرق في بحر من الدم، لطمت حماتي خديها بيديها وصاحت : يا مصيبتي، صاحت فينا نفيسة تنهرنا حتى لا نفضح أنفسنا وطلبت منى أن أتيها بكل ما لدينا من بن وتراب فرن وتراب أحمر“.

ولم يفلح البن أو التراب أو البصل أو الكولونيا في إيقاظ ”سيمون“ فهي قد ماتت، أنها كما قالت الحماة جاءت من بلدها لعذابها، إن هؤلاء النسوة بترن سيمون لأنها قامت باستفزاز سكونهن وبلادتهن بإقبالها على الحياة فقررن إخراسها إلى الأبد ليس بقطع لسانها بل بقطع وبتر أنوثتها!.

زمن الرجال ولى

ومن سليمان فياض إلى الروائي الراحل فتحي غانم، وروايته البديعة ”زينب والعرش“، التي تم فيها ختان ”زينب“ بطلة الرواية بعد صراع ورفض من الجدة التركية ”دودو هانم“، وإصرار من الأم ”خديجة“ ذات الأصول الريفية. ولكن قانون الأخلاق المزيفة كان هو الأعلى صوتا وموس أم إسماعيل هو الذي وضع نقطة نهاية السطر. وتم ختان زينب. ويحكى فتحي غانم عن زينب بعد ختانها بيوم قائلا : ”لما رأت دودو هانم زينب منفرجة الساقين منكسرة الرأس، طلبت منها أن تتقدم إليها، ولكن زينب وقفت حائرة، وضحكت خديجة، وقالت أنها مكسوفة وكان السرور يلمع في عيني خديجة التي حاولت أن تنقل سرورها إلى حماتها فجعلت تقول لها أنها الخير والبركة في البيت، وأنها لم تفعل ما فعلت إلا ليقينها أن أنوثة زينب لن تكتمل إلا بالختان، وهى لن تتزوج تركيا ولكن زوجها سيكون مصريا، وهو لن يرضى بزوجة بغير ختان. وجعلت خديجة تثرثر بحكايات عن رجال اكتشفوا أن زوجاتهن بغير ختان فكانوا يطلقونهن، أو كما حدث لحكمت الألفي وهى من عائلة تركية تسكن في المنيرة فقد صمم زوجها على أن تجرى لها أم إسماعيل عملية الختان، وهى عروس جاوزت العشرين، فنزف منها دم غزير وكادت أن تموت وهزت دودو هانم رأسها مستسلمة لكلام خديجة وقالت وهى تتنهد أن زمن الرجال الذين كانوا رجالا قد ولى ولم يبق إلا الفلاحين!.

هذه الحكايات ليست كلام روايات وإنما هي واقع كتبه من هم ضمير الوطن. إن هذه الحكايات جميعا نقطة في بحر القلق والتوتر الذي تغرق فيه بناتنا المذبوحات بسكين الجهل والخرافة، والدماء النازفة من الفتاة هي في بعض الأحيان أقل الأضرار، فالنزف النفسي يكون أكثر تدميرا. ويقول عنه د. حلمي عبد السلام في كتابة ”مفاهيم جديدة“ : ”إن أثار الختان النفسية قد تكون سابقة له، فما أن تسمع الفتاة بما حدث لأقرانها الأكبر سنا حتى ينتابها القلق، وكلما اقتربت من السن المعتاد إجراء الختان فيه يتصاعد قلقها ويتحول إلى رعب نفسي قد يصل في بعض الحالات إلى حدوث كوابيس وتأخر دراسي. وتزداد حدة هذا القلق كلما كانت الفتاة معتدة بنفسها، وبشخصيتها. ويحكى د. طه باشر : أن فتاة كانت تصرخ خلال نومها قائلة : ”الحشرة، الحشرة“، ولكن الأهل لم يجدوا أثرا لمثل تلك الحشرة. ثم تبين أن خادمة البيت كانت قد أعادت عليها في الأيام السابقة بأنها سوف تختن، فالحشرة التي تتكلم عنها في منامها تعبر عند العامة بمخالبها ومنظرها المخيف عن المرأة التي تقوم بالختان. وبعد ذلك تم التأكيد للفتاة بأنها لن تختن. وقد أدى ذلك إلى أن عادت الفتاة إلى نومها الهادئ. وفيما يخص الآثار النفسية اللاحقة لختان البنات تقول د. سامية سليمان رزق ”لا يمكن أن تمحى الآثار النفسية لأخذ البنت غدرا وسط مظاهر الاحتفال، لتفاجأ بعملية التكبيل، ورؤية أسلحة البتر، وتعانى من الآلام والمضاعفات، في مقابل تقديم رشاوى مادية رخيصة، فمهما كانت البنت صغيرة فهي تستطيع أن تقارن بين ما قدم لها من أكل مميز وملابس جديدة، وبين ما دفعته من كرامتها بعرضها مجردة من ملابسها الداخلية أمام أغراب. ويترتب على ذلك فقدان ثقة الطفلة في أبويها أو من يحل محلهما، ويرتبط الغدر والأذى الجسمي والنفسي بخلق الشعور بالظلم لدي الفتاة الصغيرة والتي قد تلجأ للتعبير عنه بالتبول اللاإرادي، والانطواء الاجتماعي، فعملية الختان ليست بترا عضويا ولكنها أيضا بتر نفسي“.

حقا إنها عملية بتر نفسي قبل أن تكون بترا جسديا، إن محاولة بتر المرأة اجتماعيا محاولة قديمة ومتكررة، يلح فيها المجتمع على شطب هذا الكيان وحذفه تارة بعزلة داخل أسوار البيت، وتارة بتحويل الشارع إلى معتقل تتحرك فيه المرأة بحساب وريبة وأغطية وحواجز. ويؤكد د. عادل صادق أستاذ الطب النفسي على المعنى السابق بقوله : ”إن الختان يشكل عملية بتر تظل في مخيلة الفتاة مدى الحياة. إن هذا الشعور بالبتر لعضو مهم في جسم الفتاة بما فيه من معان جنسية يصبح شيئا راسخا في ذهنها. ويقولون إن هذا الجزء يبتر حتى لا تنحرف الفتاة، وبذلك يصبح مفهوم الأخلاق مرتبطا بالغريزة وأنه لا إرادة لها في ذلك. ذلك يحرمها كأنثى من الاعتزاز بذاتها الأخلاقية الإنسانية الناشئة عن قناعة وإيمان، ويحكى د. طه باشر في كتابه السابق عن امرأة في الثلاثين من عمرها قد عانت من هبوط نفسي بعد وضعها على إثر تأخر شفاء ندب الختان، فلم تستطع الأكل أو النوم، وكان يجب معالجتها جسديا ونفسيا في عيادة الأمراض العقلية، ويحكى عن امرأة أخرى كانت مريضة عقليا، وعندما أحيلت إلى الطبيب تبين أن هذه المرأة لا أطفال لها، وأنها مطلقة مرتين. وبعد الفحص تبين أنها تعانى من ورم بحجم كرة التنس تحت جرح الختان وبعد إزالة هذا الورم شفيت، وتركت المستشفى، وهى سليمة عقليا، وقد رصد باحثون كثيرون التحول المرعب الناتج عن ختان الإناث، فقبل الختان كانت الفتيات ودودات وصافيات العين وطبيعيات دون خوف من الفحوصات الطبية، أما بعد شهرين أو حتى سنتين من الختان، تحولت الصورة تماما، فالبنت منهن تقف مرتجفة، وتفزع من الفحص الطبي، وتصبح عدوانية في ردود أفعالها.. الخ.

لابد أن نعرف أن الختان ليس تقربا للآلهة، وأن ما كنا نفعله في عصر الفراعنة لم يعد صالحا لهذا العصر. فمن عادات المصريين القدامى إلقاء دمية على شكل فتاة جميلة يزينوها كعذراء يوم عرسها ويلقونها في النهر. وكانوا يعتقدون أنهم إن لم يفعلوا ذلك فإن النهر قد يغضب عليهم، ويكف عن الإنعام عليهم بفيضانه. وكان موسم وفاء النيل هو الوقت المناسب لختان البنات، فتقوم الدايات بختانهن في ذلك الوقت، وكانوا يحتفظوا بتلك الأجزاء التي كانت تقطع من الأعضاء الجنسية للفتاة، ويلفونها على هيئة حجاب، ويربطونها بخيط حول عنق الفتاة التي قطعت منها تلك الأجزاء. وفى يوم الاحتفال بعيد فيضان النيل كانوا يلقون بتلك الأجزاء في مجرى النهر معتقدين أن الفتاة التي لا تفعل ذلك تبقى عانسا من غير زواج، وأنها إذا تزوجت فإنها لا تنجب أطفالا على الإطلاق، أو حتى إذا أنجبت أطفالا فإن أولئك الأطفال لا يعيشون أو يموتون صغارا. وللأسف، مازلنا نصر على تقديم بناتنا كقرابين لوهم كبير اسمه العفة التي لا يعرف الكثيرون أنها مسئولية عقل وروح، وليست مسئولية قطعة من اللحم، أو بروز من الجلد خلقه الله كمصدر للمتعة وليس للنكد.

الختان ليس عادة إسلامية أو فرعونية ولكنها عادة عبودية!

قراءة تاريخية وانثروبولوجية :

كنت متأكدا حتى وقت قريب بأن ختان الإناث عادة خاطئة يفعلها المسلمون ولها أصل فرعوني. ولكن عندما سألني أحد مرضاي المسيحيين عما كنت أستطيع إجراء عملية الختان لطفلته الصغيرة اندهشت مرتين، الأولى لأنه طلب منى أنا شخصيا هذا الطلب، أما الدهشة الكبرى فقد كان مصدرها أن الطالب مسيحي الديانة. وهنا خاب ظني، وأيقنت أن ختان الإناث عادة عابرة لحواجز الأديان والجنسيات، وقد جعلني هذا المريض أعيد البحث في الأصول التاريخية لهذه العادة البربرية بعيدا عن الأديان. وعندما قرأت بعدها عن وضع المرأة المميز في العصر الفرعوني عدت للتشكك في أن أصل الختان فرعوني كما يدعى الكثيرون، وكما كنت أنا شخصيا معتقد. ومن هنا قررت الخوض في بحار وعواصف تاريخ الختان الشائك حتى نفهم معا من أين نبعت كل هذه الأنهار الدموية؟

”ده واخد عاري“

يحكى المستشار ”ماهر برسوم عبد الملك“ قصة لها دلالة مهمة في كتابه ”مذكرات مستشار مصري“ جرت أحداثها أثناء عمله كوكيل نيابة في الصعيد حيث استدعى لتحقيق حادثة سقوط شخص من القطار مما أدى لبتر ساقه. وعند سؤال المصاب اتهم حماه، وعندما تمت مواجهة المتهم دافع عن نفسه بجملة كان فيها الإفحام والإقناع كله. فقد قال : ”وده معقول يا بيه؟ أرميه من القطر؟ ده واخد عاري“!!. وقد ارتعشت عند قراءة هذه الجملة البليغة التي لخصت المسألة كلها. إن المرأة عار والرجل هو الذي يخفى أثار هذا العار. فمن الممكن أن يخفيه بالقتل أو يرمى تبعته عن كاهله بالزواج أو يُكيف و يُأيف هذا العار منذ الطفولة بالختان. إنها أثار عهد العبودية والإقطاع والرق والجواري التي امتدت لتعشش في عقول البعض من ضعاف النفوس ومرضى العقول من الرجال الذين مازالوا يعيشون بمنطق شهريار وسلوك الطاووس الذي إن أنصف المرأة فمن باب الإنعام والهبة، وليس من باب الحق المشروع والواجب الملزم. وكما كان يمارس الاخصاء في العصور الإقطاعية حتى يضمن السيد أن العبد لن يلعب بذيله، وحتى يضمن أن قوته الجسمانية لن تضيع أدراج الرياح في النزوات، فبعد أن تم استبدال السيد الرجل بالسيد الإقطاعي تم الاخصاء الأنثوي الجديد عن طريق الختان حتى تصبح ممتلكات الرجل خالية من التلوث الإشعاعي الجنسي، والقذارة الشهوانية التدميرية الشاملة!. ولأن أصل كلمة البظر الطبية معناها المفتاح فقد فعل السادة بنفس منطق حزام العفة ختان المرأة حتى لا تفتح به باب الشهوة!.

أصل الختان

يرفض الكثيرون من الأطباء والباحثين نسبة ختان الإناث إلى الفراعنة ومنهم د. محمد فياض ود. نوال السعداوي ود. سامي الذيب وغيرهم، بالرغم من تسمية أهل السودان لأفظع وأبشع أنواع الختان بالختان الفرعوني. فتقول د. نوال السعداوي أن اندونيسيا مارست ختان الإناث قبل مصر القديمة. ولقد أثبت علم التاريخ والأنثروبولوجي أن هذه العمليات، الختان، والاخصاء وغيرها، لا علاقة لها بالمصريين أو العرب أو المسلمين أو اليهود أو المسيحيين أو البوذيين أو غيرهم. إنها ترتبط بنوع النظام الاجتماعي والاقتصادي السائد في المجتمع وليس نوع البشر أو دينهم أو لونهم أو جنسهم أو عرقهم أو لغتهم. وتضيف إن القارة الأفريقية أو اللون الأسود ليس مسئولا عن هذه الجريمة، وإنما هي إحدى جرائم العبودية في التاريخ البشرى، إلا أنها بقايا النظرة العنصرية التي تتصور أن مشاكل الدنيا بما فيها الإيدز أصلها أفريقي، أو على الأقل بدأت في أفريقيا ثم انتقلت بالعدوى فقط إلى الجنس الأبيض. ويقول د. سامي الذيب صاحب أهم الدراسات عن الختان أنه قد يرجع سببه للنظام الذكوري الذي يشرع تعدد الزوجات ونظام العبيد. ويشير إلى كتاب ”الكاماسوترا“ الهندي، الذي يتحدث عن كيف أن الرجل في نظام الحريم كان لا يمكنه أن يرضى جميع النساء اللاتي يمتلكهن، فقد يتداول العلاقة الجنسية مقسما لياليه بينهن، وقد يختار إحداهن ليمارس الجنس معها، بينما تقوم المحرومات بممارسات وحيل غير مشروعه للوصول إلى الرجل أو تعويض هذا الحرمان. وللحد من هذه الممارسات غير المشروعة قام الذكور بفرض الختان على الإناث باعتباره وسيلة للحد من شهوتهن، ومنع اختلاط أطفالهن الشرعيين بأطفال من رجال غرباء. ويؤكد د. أحمد شوقي الفنجري على هذا المعنى قائلا : تعود هذه العملية إلى عصور الإقطاع حين كان الإقطاعي يمتلك الآلاف من البهائم والغنم إلى جانب المئات من العبدات والعبيد. وكان يعامل البهائم والبشر على السواء على أنهم ملك له، فكان يخصى الذكور من البهائم حتى لا تحمل الإناث وهن في مرحلة إدرار اللبن، ويخصى الذكور من العبيد حتى لا يقتربوا من نسائه. أما الإناث من البهائم فكانوا يضعون في أرحامهن قطعة من النوى أو زلطة حتى لا تحمل في وقت غير مناسب، أما العبدات فكان يعتبرهن ملك له فقط دون غيره رغم أن أعدادهن بالمئات، فكان يختنهن لقتل الشعور الجنسي حتى لا يستمتعن بالجنس لأنه لا يستطيع إشباعهن جميعا، إنها ليست مسألة مكان بعينه أو دين بذاته هي التي صنعت الختان، ولكنها مسألة إحساس العبودية الذي لو تغلب عليه انتفى سبب الختان وأصبح مرفوضا اجتماعيا. وعلى العكس لو استسلمت له لصار الختان مناسبة يجب الاحتفاء بها والترويج لها. ويستخدم في هذا الاحتفاء والترويج الدين تارة، والعادات تارة أخرى لكي تغطى هذه العادة الوحشية بورق سيلوفان جميل يجعله مقبولا بل ومطلوبا أيضا.

أساطير وتقاليد

عندما يسيطر الفكر الأسطوري الغيبي على مجتمع يظل محتفظا في بنائه بالخرافة التي تنتقل عبر جيناته الوراثية جيلا بعد جيل، خاصة عندما يتوارى المنهج العلمي في التفكير، ويفشل في إحداث التوازن، وخلق الطفرة التي تجعل الأسطورة جزءا من الفولكلور، لا مُكونا للتفكير والفعل والاختيار والقرار. والأعضاء المبتورة تمثل منذ قديم الزمان وفى معظم الأساطير قرابين، ومكونات خلق. ففي أسطورة ”ريجفيدا“ الهندية تم ربط ”بروزا“ وتقديمه ضحية، وخلق العالم من أشلائه. فمثلا من عينه خلقت الشمس، وهكذا. ومعظمنا يعرف قصة ”إيزيس وأوزيريس“ الذي مزقه إله الشر ”ست“، فحاولت إيزيس جمع أشلائه، ولكنها فشلت في العثور على عضوه التناسلي الذي ابتلعته ثلاث سمكات تمثل قوى الشر.

ومن الأساطير الأفريقية القديمة أسطورة ”قبيلة مانتجا“ التي تصارع فيها الأخوان ”باجنزا“ و”ياكومو“ أمام الإله، وجُرح فيها الأول وتم ختانه. وبعد شفائه رفض العلاقة الجنسية مع زوجته التي طلبت أن تختتن هي الأخرى لكي ترضى زوجها. وأسطورة التضحية بعروس النيل التي تحدثنا عنها سابقا هي مجرد إشارة لأهمية التضحية أو القربان في الفكر الأسطوري، وهو تارة يستخدم لتفادى غضب الآلهة وتارة أخرى كطقس للعبادة. ومن ضمن هذه القرابين حرق الأجساد وبتر الأعضاء. فبعض القبائل الأفريقية تضحى بالخصية اليسري أو اليمنى رغبة منهم في اتقاء شر ولادة التوأم. وهنا يصبح الختان مجرد ظلال أسطورة ورمز للتضحية الدينية التي تتحول رويدا رويدا لعلامة تميز وتفرد لقبيلة ما أو أصحاب دين ما أو سكان بلد ما يوحدهم هذا الطقس وينقذهم من الشتات الاجتماعي.

هذا التوحد أو هذه الرغبة العارمة في التشابه وخلق الانتماء والتطابق المزيف المزعوم يجعل من الختان وسيلة سهلة وسريعة لتحقيق كل هذا بمجرد ضربة مشرط، ونزف دماء، وتضحية بجزء هو في عرف العامة جزء زائد عن الحاجة يجلب وجع الدماغ والهياج الجنسي. ورغبة أفراد المجتمع في أن يكونوا نسخا متكررة ”فوتو كوبى“ من بعضهم هي امتداد للفكر العبودي الذي خلق ورسخ عادة الختان. وتعبر د. كاميليا عبد الفتاح عن تأثير هذا التطابق على عادة ختان البنات قائلة : إن عملية ختان البنات تندرج تحت مفهوم التطابق في المجتمع، ويظهر ذلك في توقع حدوث الختان وضرورته، وفي الرضى عنه، والاقتناع به. وإلى جانب رغبة البنت في التطابق فهناك دلالة نفسية لكل هذا، وهى إحساس البنت بالأهمية ولو لمدة أيام. تلك الأهمية التي تفتقدها البنت عادة في مجتمعنا، وهذا الفرح الذي يغمر الأسرة يعلق بذهن الفتيات الصغيرات اللاتي يطالبن بأن يجرى لهن الختان كنوع من التقاليد، والمشاركة الوجودية، والتطابق مع قيم المجتمع. والمدهش أن هذه الرغبة في التشابه التي تذكرها د. كاميليا قوية على عكس ما نعتقد أن الألم يتغلب عليها. فالرافضة لقيم المجتمع المستقرة، أو بالأصح التي يريد لها البعض الاستقرار لتحقيق مكاسبه، هذه الرافضة خاسرة، وتصرفاتها مستهجنة، وصديقاتها يعايرنها بأنها أقل منهن مما يضطرها لطلب الختان!.

ويورد د. سامي الذيب بعض الأمثلة التي من الممكن أن نستغربها في البداية ولكن عندما نلمس عن قرب وطأة وسطوة التقاليد سيضيع هذا الاستغراب. فهو يقول : ”أن المجتمع السوداني يضع غير المختونات ضمن ثلاثة خانات، الأطفال والمجنونات والعاهرات“. وتشير إحدى الدراسات الميدانية التي أجريت في الصومال أن الفتيات اللاتي يتركن بلا ختان لمدة طويلا يطالبن تكرارا بختانهن لأن عدم ختانهن يجعل منهن منبوذات في محيطهن، ولا يمكنهن أن يجدن زوجا إلا خارج مجتمعهن. وقد صرحت إحدى الممرضات غير المختونات بأنها تعيش مأساة وتفضل ألف مرة الموت على أن تعيش منبوذة!. وأعتقد أننا في مصر لابد أن نخلق إلحاحا حول خطورة الختان حتى نكسر هذه الرغبة في التشابه، ولابد من كسر هذه الحلقة الجهنمية في سياسة القطيع التي تخلق نوعا من الراحة المزيفة. ويظل يقنعك تيار ”ليس في الإمكان أبدع مما كان“ أن التغريد خارج السرب برغم أنه يمنحك متعة التميز إلا أنه يفقدك دفء القطيع. وتصدق الفتيات والأمهات هذا الهراء، ويفضلن حالة أسر السكون والركود الذي يصل لحالة التعفن على حرية الحركة والتغيير والتقدم.

العضو الملعون

ولأن العبد مجرد شيء أو جزء من المتاع الإقطاعي فإن التصرف معه يتم بنفس الطريقة التي يتعامل بها الإقطاعي مع ممتلكاته ودوابه ومزرعته. فكما يسمن أبقاره حتى تعطى مزيدا من اللحم واللبن، فإن المجتمع المتأثر بالفكر العبودي يختن المرأة لتجهيزها للزواج. أو باختصار : ”علشان تعجب السيد“، الذي هو الرجل. وكما تقول أسطورة أفريقية لقبيلة ”دوجون“ : ”أن الإله ”أما“ قبض على مصران ملئ بطين فخاري، ورماه. فتكونت الأرض على شكل امرأة مضطجعه على ظهرها. وعندما أراد ”أما“ لقاء هذه المرأة منعه هذا العضو الملعون، فقام الإله بقطعة ليتم اللقاء“. ومازال هذا الاعتقاد هو أساس عملية الختان حتى الآن في تلك القبيلة. والأفارقة لهم رأى غريب في سبب الختان وهو أن الفتاة الصغيرة تستمتع بطريقة ذاتية، ولذلك عندما تكبر لابد أن يقطع مصدر اللذة الذاتية حتى تبحث عن الرجل وعن الزواج. والأشد غرابة أن هناك مجتمعات في كينيا وأوغندا وغرب أفريقيا تستطيع فيها الفتاة الإنجاب خارج العلاقة الزوجية لإثبات خصوبتها، وبعد الإنجاب يتم ختانها إعدادا للزواج.

وقد أوضحت ممثلة لجنة النساء الغينيات في مؤتمر داكار 1984 أن الفتيات المختونات يبقين في غرفة واحدة، أو في الغابة المقدسة لمدة شهر حتى يشفى الجرح. وفيها تقوم إمرأة عجوز بمراقبتهن، وتعليمهن القصص والأغاني الشعبية، ودور ربة البيت..الخ. وبعد الخروج من هذه العزلة يصبحن صالحات للزوج. أما في مصر، فتوجد بردية كتبها باليونانية كاهن مصري يرجع تاريخها إلى عام 163 قبل الميلاد، يؤكد فيها على العلاقة بين الختان والزواج. ويذكر د. سامي الذيب رواية للرحالة الإسكتلندي جيمس بروس حول محاولة المبشرين الكاثوليك في مصر في القرن السابع عشر منع ختان الإناث على أتباعهم، ولكنهم تراجعوا عن هذا المنع عندما رفض الرجال الزواج من النساء الكاثوليكيات غير المختونات!. وتذكر د. أمال عبد الهادي في دراستها عن قرية ”دير البرشا“ ذات الأغلبية المسيحية التي تخلت عن ختان الإناث أن أكثرية الناس كانوا يرفضون مساعدة الغير في عدم ختان بناتهم. وكان سبب رفضهم ما يلي : كل واحد يحكم على بيته، لنفرض أنني نصحت أما بعدم ختان ابنتها ثم لم تتزوج!، فماذا سيكون موقفي؟!.

كما يمثل عدم الزواج هاجسا بشعا وملحا من بقايا العصر العبودي الذي يعامل العانس كعار وعبء ومصدر نحس. فإن العقم، وعدم الخصوبة هو الهاجس الأشد وطأة، لأن المرأة في هذه المجتمعات هي ماكينة تفريخ لفقس الأطفال، وأي خلل في هذه الوظيفة هو بمثابة تجريس مزمن المرأة. ولذلك تعتقد بعض القبائل في نيجيريا أن البظر عضو خطير يؤذى رأس الطفل إذا مسه، ومن الممكن أن يصل الإيذاء لحد القتل، ولهذا السبب يتم ختان المرأة في الشهر السابع من الحمل إذا لم تكن مختونة قبل الحمل. وهناك اعتقاد في بوركينا فاسو أن بظر المرأة يجعل الزوج عاجزا جنسيا، وقد يموت أثناء العملية الجنسية. وفى مناطق ساحل العاج، يُعتقد أن المرأة غير المختونة لا يمكن أن تنجب. وهناك أسطورة تقول بأن الفرج له أسنان تضر بالرجل، وأن البظر هو آخر سن فيه يجب قلعه. وتعتقد بعض القبائل بأن الختان يزيد الخصوبة، وأن البنت غير المختونة تفرز إفرازات قاتلة للحيوانات المنوية للزوج. وفى مصر تحكى ”مارى أسعد“ و”حلمي عبد السلام“ عن الأصول الأسطورية لعلاقة الختان بالإنجاب. ومنها قصة تسمية ما يقطع من المرأة بـ ”الفضلة“ لخطورتها. بالإضافة لقطع هذه الفضلة هناك عمليات كثيرة يعتقد فيها المصريون تحد من خطر الجزء المقطوع، مثل التمائم السحرية وغسله بصورة خاصة، أو مسه بأشياء مختلفة. واستلهاما من أسطورة عروس النيل التي سبق ذكرها في الفصل السابق، يعتقد أن من لا تلقى بفضلتها في النيل لن تنجب على الإطلاق. وبالطبع، يساعد الجهل بعلم التشريح على سريان وانتشار حجة ووهم أن الختان يسهل عملية الولادة، لأن ما يجب إزالته يسد الطريق أمام الجنين. وكما كان القدماء يشكلون جسد المرأة بإضافة الشحم والدهون، ويعلفونها لمزيد من التخن، والربربة، لتصبح كمصارعى السومو فإنهم يشكلون جسدها بالكشط، والإزالة. وبالطبع يقف الختان كأشهر هذه الأساليب التي تعبر عن المزاج الاجتماعي السادي الذي يسيء للمرأة.

وتمشيا مع اعتبار الختان وقفة عند مرحلة المجتمع العبودي، فإن النجاسة المرتبطة بأعضاء الجسم، وتقسيم الجسد إلى مراتب طبقية حسب درجة الطهارة والنجاسة كل هذا من بقايا التصور الإقطاعي للجسم، الذي يختلف فيه جسم العبد عن سيده، وأيضا أعضاء الجسم الواحد نفسه. ويكفى أن الاسم الذي يطلق على الختان هو الطهارة. وفى السودان، يعتبرون البنت غير المختونة نجسة، و إطلاق صفة ابن غير المختونة يعتبر من قبيل الشتيمة هناك، ويشبه شتيمة ابن العاهرة. والارتباط بين عدم الختان، والنجاسة عند القبائل الأفريقية ارتباط وثيق، فالبعض يرفض الأكل مع غير المختونة. وفي مالي، يرفضون مجرد تحضيرها للأكل. والبعض يعتقد أن في البظر سم قاتل. وفى أوغندا، تعتبر المرأة غير المختونة بنتا مهما كان عدد أطفالها، ويعتبر ابنها ابن بنت دون أية كرامة في جماعته، ولا يحظى بأي منصب هام. ولا يحق لهذه المرأة حلب البقر لأن ذلك يجلب النحس. كما لا يحق لها سكب الماء في الإناء الذي يحتوى ماء الشرب للعائلة، أو الصعود إلى المخزن لإحضار الحبوب للطبخ أو الزراعة. وإذا مات رجلها لا يحق لها استقاء الماء من النهر أو البئر. إن مفاهيم النجاسة المرتبطة بعبادة الطوطم، ومفاهيم إنسان الكهف الأول، الذي كان لا يستطيع فهم الظواهر المحيطة به، فينسج حولها الأساطير، ومنها أسطورة النجاسة، وخاصة بالمكان الذي ينزل منه دم الحيض المفاجئ الذي وضعه هذا الإنسان في خانة النجاسة كحل منقذ لعقلة القاصر.

رقصة اللقاء الجنسي

السحر وطقوسه وتدريباته عنصر أساسي من عناصر تكوين المجتمع العبودي. وقد جمعت ”البولتين“ عدد ديسمبر 1991، بعض هذه الطقوس الأفريقية الغريبة التي تنقلنا فورا لجو المجتمع القبلي، الذي يفتقر لأبسط بديهيات المنهج العلمي في التفكير وتفسير الظواهر. يحدد الساحر مكان التدريب على طقوس احتفالات الختان من غناء ورقص. وتتسابق الفتيات فيه للبحث عن شجرة المقدسة، ومن تجدها هي التي تتلقى أكثر طلبات زواج. وفى قبيلة ”ناندي“ عشية إجراء الختان، تشعل النار المقدسة قرب شجرة مخصوصة. وتقوم الخاتنة بفرك مكان الختان بنبات لاسع حتى ينتفخ المكان. ثم يتم الكي بقبس من النار وسط غناء ورقص القبيلة. وفى قبائل ”أوبانجى“ يحظر دخول المكان على الرجال، إلا زوج الخاتنة العجوز الذي يسيطر على الفتاة بعنف فاتحا فخذيها في نفس الوقت الذي يلهب ضهرها فيه سوط تمسك به امرأة من القبيلة. وبعدها يتم جز البظر بالسكين. وتقف البنات في طابور تحرسهم زغاريد القبيلة. وعلى من تنهى عملية الختان، أن ترقص رقصة اللقاء الجنسي والدم ينزف منها. وفى توجو، ينتهي طقس الختان بسير الفتيات عاريات في موكب حتى يصلن إلى التمثال المقدس. وفى دولة بنين، تجلس الفتيات على حجر مسطح على شكل دائرة ووجوههن إلى الخارج، وتجلس الخاتنة وسط الدائرة وتلف الحجر حتى تواجه البنت وتجرى لها الختان، ثم تلفه لكي تختن الفتاة التالية. وهكذا.. كل ما سبق له ظلاله الدينية في معتقداتهم، وهو شبه امتحان تجريه القبيلة للبنت. وهذا الإحساس بالامتحان انتقل إلى مجتمعنا المصري حيث نعقد امتحانات دورية للبنت في الأخلاق، بالطبع التي هي أخلاق من وجهة نظرنا تحمل خاتمنا الخاص وبصمتنا المميزة. إن الفرق بيننا وبينهم أنهم يجرون الختان بصراحة، وتحت غطاء السحر. ونحن نجريها بنفاق وتحت غطاء الدين.

العبودية ليست تعريفا زمنيا أو مكانيا، ولكنها مجموعة قيم أخلاقية معينة، ونظرة خاصة متزمتة، ونسق سلوكي يهتم بالحفاظ على المظهر الخارجي، وأرتيكاريا شديدة من أي شيء يمس ممتلكات السيد ومنها المرأة. بدليل أن هذا الختان البربري وصل إلى أوروبا عندما سيطر عليها إحساس الطهر البيورتاني في العصر الفيكتوري المتزمت المتخلف الذي صاحبه تخلف طبي أيضا. وقد ساعد هذا المركب المتخلف المزدوج على تبنى عادة الختان. وقد ساعد على انتشارها بعض التفسيرات الطبية التي تربط بين الأمراض العقلية والعصبية التي تصيب النساء وبين أعضائهن التناسلية، والتي تدين المرأة لأنها أسيرة طبيعتها البيولوجية المتقلبة من حمل وإرضاع وولادة وحيض.. الخ، مما يؤدى من وجهة نظر أصحاب هذه التفسيرات لخفض قدرتها الذهنية وانهيار إرادتها الواعية وفقدها للقدرة على التحكم في نفسها. وفى كتاب ”موقف الأطباء من ختان الإناث“ تقص مؤلفتا الكتاب ”أمال عبد الهادي“ و”سهام عبد السلام“ قصة غزو ختان النساء لأوروبا إبان العصر الفيكتوري. ففي سنة 1858 أدخل د. إسحق بيكر براون ختان النساء لبريطانيا كوسيلة علاجية للأمراض البدنية والعقلية التي كان يعتقد أنها تصيب النساء بسبب تعرضهن للإثارة الجنسية. وللعلاج، مارس د. براون استئصال البظر والشفرين الصغيرين كعلاج لهذه الأمراض، بل وأحيانا المشاكل الاجتماعية كالطلاق!. وكان يتباهى بأنه يخدرهن تخديرا كليا، وقد أدت التجاوزات المهنية للدكتور براون إلى تجريده من ألقابه العلمية وفصله من عمله. وفى سنة 1867 نشرت المجلة الطبية البريطانية خطابا هاما يوضح أسباب رفض المجتمع الطبي لممارسات د. براون، يقول الخطاب : ”نحن معشر الأطباء حماة مصالح النساء، بل ورعاة شرفهن، والحق إننا نحن الطرف الأقوى وهن الطرف الضعيف، فهن مجبرات على تصديق كل ما نقوله لهن لأنهن لسن في وضع يسمح لهن بمجادلتنا، لذا يمكن القول بأنهن يقعن تحت رحمتنا. وفى ظل هذه الظروف لو تخلينا عن التمسك بمبادئ الشرف وخدعنا مريضاتنا أو ألحقنا بهن الأذى بأي شكل، فإننا لا نستحق الانتماء إلى مهنتنا النبيلة“. وأما الأكثر طرافة فهو ما ذكر في كتاب ”مشاكل النساء“ لفرنيون كوليمان من أن الختان أستخدم لعلاج كثرة عرق الأيدي للفتيات اللاتي كن يعملن بمصانع النسيج على آلات الخياطة التي تعمل ببدال القدم، وكان المبرر هو أن حركه اهتزاز الفخذين الدائمة واحتكاكهما كانا يولدان إثارات جنسية لا تحتمل!!. وقد تبنى البعض في مصر مثل هذا الرأي أو أشد منه في تأييد الختان، فقالوا : أن تلامس الملابس واحتكاكها بالبظر من الممكن أن يثير البنت فمن الأفضل ختانها!!.

في ختام هذه القراءة التاريخية نقول إننا بالختان نقول مرحبا بالعبودية، ووداعا للحرية والعقل. وإذا رغبنا في الخروج من كهف الظلمة لساحة النور علينا أن نعترف بأن أجسامنا ملكنا، ومصدر فرحتنا، وليست وعاء شرورنا وآثامنا ورذيلتنا. وأن نمنع أي بتر عدواني نفعله بها كالختان، الذي هو من بقايا العبودية، والتي للأسف نحن إليها أحيانا وبكامل إرادتنا.

Tuesday, May 26, 2009

على بعد خلد و نصف


قصيدة للشاعر الموهوب عبد الرحمن يوسف

على بُعْـدِ صُبـْـح ٍ و نـِصْـفٍ مِنَ الليـل ِكـَانَ يَقـُـودُ الحَيَـارى ...
يَسيـرُ بخـَطٍّ شـَديـدِ الوُضُـوح ِ كـَقـَوس ِ الكـَمـَـانْ ...!
فـيَـسْـري ( كـَصَـوْتِ الـكـَمـَـان ِ) تـَخـَطـَّـى الجـِـدَارَ ...
يـُصَـوِّرُ للثـَّائِـريـــنَ – كـَمَا يَـفـْعـَـلُ الأنـْبـِيـَـاءُ – الجـِنـَـانْ ...
فـَيَـظـْهـَـرُ كالبـَـدْر ِ للثـَّائِـريـــنَ بحيــن ٍ 
و حينـــًا يـَغِـيــبُ كـَبـَـدْر ٍ وَرَاءَ الغـُيـُـوم ِ تـَــوَارى ...
و تـَبـْسِــمُ في الـوَجـْــهِ غـَمَّـازَتـَـــانْ ...
فـَيَـنـْطـَلـِــقُ الخـَـوْفُ نـَحـْـوَ الأمـَــانْ ...
على بُعْـدِ قـَبـْـر ٍ و نـِصْـفٍ مِنَ الـمَـوْت ِ كـَانَ يـَعِـيــشُ "جِـفـَـــارا" ...!

* * *

يـُوَقـِّـعُ للثـَّائِـريـــنَ الـذيـــنَ أحَـبـُّــوهُ وَصـْــلَ أمَـانـَـــة ْ ...
و بـَعـْــضُ ( الـرِّفـَـاق ِ) يـُوَقـِّــعُ للقـَصْــر ِ وَصْــلَ الخِـيـَانـَــة ْ ...!
"جـِفـَــارا" ... نـَحِـيـــفٌ و لا يـَشـْتـَكِــي 
و يـُوَاجـِـهُ مـَـنْ يـَشْـتـَكـُــونَ الـبـَدَانـَــة ْ ...
تـَألـَّــمَ مـِـنْ كـُـلِّ صـَفـْعـَـةِ ظـُلـْـم ٍِ عـَلى وَجـْـهِ مـُسْـتـَضْـعـَـفٍ 
فـَتـَعَــدَّى حُـدُودَ المَـكـَـان ِ و حـَـازَ المَكـَانـَــة ْ ...
و بَـعْــضُ الـرِّجـَــال ِبمَحْكـَمـَـةِ الـدَّهْــر ِ يـَبْــدو دَليــلَ الإدَانـَــة ْ ...
و بَـعْــضُ الـرِّجـَــال ِ لجـِنـْـس ِ الـرِّجـَــال ِ إهـَانـَــة ْ ...
على بُعْـدِ صَـبـْـر ٍ و نـِصْـفٍ مِنَ الـيـَأس ِ كـَانَ يـُقِـيــمُ "جـِفـَــارا" ...!

* * *

تـَوَاضـَـعَ بـَيـْــنَ الـجـُنـُــودِ الـمُحِـبـِّيــنَ في الـمَـلحَـمَــة ْ ...
تـَكـَبـَّـــرَ فـَــوْقَ الـنـَّيـاشـيـــن ِ و الأوْسِـمـَــة ْ ...
تـَقــَـدَّمَ مِـثـْــلَ الـشـِّهـَــابِ يـُضِــىءُ لـبـِضـْـع ِ ثــَـوان ٍ لـيـَخـْتـَــرقَ الـمـَــوْتَ 
لـيـْــسَ يـُبـَالـــي
فـَكـُـلُّ الحَيـَـاةِ لـَدَيـْــهِ تـَهـُــونُ لـيـَـرْفـَــعَ مِــنْ فـَـوْق ِ مَـنْ قـَـدْ أضَــاؤوا بـِــهِ مـَظـلـَمَــة ْ ...
تـَحَــوَّلَ فِـعـْـلا ً مِــنَ العـَــدْل ِ
في زَمـَــن ٍ سَـجـَــنَ العـَــدْلَ في مَكـْلـَمـَــة ْ ...
لـذلــكَ كـَـانَ حَـريـّــًا بـِسَـيـْــفِ الـتـَّخـَابـُــر ِأنْ يـُعـْدِمـَـهْ ...
بـِلا مَحْـكـَمـَــة ْ ...!
على بُعْـدِ غـَـدْر ٍ و نـِصْـفٍ مِنَ المَـجْــدِ كـَانَ طـَريـــقُ "جـِفـَــارا" ...!

* * *

على بُعْـدِ ربـْـــو ٍ و نـِصْـفٍ مِنَ الـنـَّـزْفِ كـَانَ شـَهِـيـــقُ "جـِفـَــارا" ...!
على بُعْـدِ عِـطـْـر ٍ ونـِصْـفٍ مِنَ الـمُـنـْتِـنِـيـنَ بكـُلِّ الـقـُصُـور ِ يـَفـُـوحُ "جـِفـَــارا" ...!
يـَسِـيــرُ على بـُعـْـدِ قـَصْــفٍ و نـِصْــفٍ مِــنَ الـسِّـلـْــم ِ
مِـثـْــلَ الأنـَامِــل ِ فـَـوْقَ الـبـيـانـُــو تـُجـِيـــدُ اخـْتِـيـَــارا ...
يـَطِـيــرُ على بـُعـْـدِ نـَسـْــر ٍ و نـِصْــفٍٍ مـِـنَ الأرْض ِ
لا يـَسْـتـَجـيـــبُ لأيِّ قـَوَانِـيــن ِ جـَـذبٍ إلى الـوَحـْـل ِ
لا يـَسْـتـَجـيـــبُ إلى ( واقِعِـيـَّـةِ ) مـَـنْ واقـَعـُــوا قـَوْمَـهـُــمْ
(واقِعِـيـَّـةِ ) مَـنْ وَقـَّعـُـوا خِـزْيـَهـُـمْ في الـقـُصـُــور ِ جـِهـَــارا ...
يَلـُـوحُ على بـُعـْـــدِ نـَجـْــم ٍ و نـِصـْـفٍ مِــنَ المُـمْـكِـنـَــاتِ
يـُمَـهـِّــدُ للثـَّائِـريـــنَ المَــدَارَ ...
يـَصِـيــحُ على بـُعـْـدِ صَـوْتٍ و نـِصْــفٍ مِـنَ الـصَّـمـْــتِ 
كـَـيْ يـَتـَحَــوَّلَ كـُـلُّ الـقـُنـُـوطِ اصْـطِـبـَـارا ...
يـُضِــىءُ على بـُعْــدِ بـَـرْق ٍ و نـِصـْـفٍ مِــنَ الـرَّعـْــدِ 
كـَيْ يـَسْـتـَحِـيـــلَ الـظـَّــلامُ – و لـَو لـَحْـظـَـة ً – في الليالـي نـَهـَــارا ...
على بـُعـْــدِ خـُلــْـــدٍ و نـِـصـْـــفٍ مـِـــنَ الـمـَــوْتِ ...
سـَـــوْفَ يـَظـَـــلُّ يـَعِـيــــشُ "جـِفـَـــارَا" ...!