Thursday, June 11, 2009

هل (الفشخرة الكدابة) مرض مصري؟

محمد رفعت - خاص - أعرف زميلا اضطر للاستدانة من "طوب الأرض"، وقبل أن يحصل على أموال بالربا، حتى يقيم حفل زفافه في فندق خمس نجوم، ويدعو رئيسه في العمل، وقيادات المؤسسة لحضور الحفل، ويتباهى أمامهم وأمام أهل العروس بقاعة الفرح ونوع الكوشة وعدد أدوار "تورتة" الزفاف.

وبعد انتهاء الحفل ظل يقتطع من راتبه أكثر من النصف كل شهر، حتى يسدد ما عليه من قروض بسبب إدمانه للتفاخر والتظاهر أمام الأهل والأصدقاء والمعارف والجيران.

واذكر زميلا آخر من ايام الجامعة كان يسكن في حي شعبي قريب من حي آخر راق، وظل يكذب ويدعي أنه يعيش في حي الأثرياء، حتى انكشف أمره على طريقة فيلم "انني لا أكذب ولكني أتجمل" للنجم الأسمر الراحل أحمد زكي، وكان موقفه مخزيا وتركته الفتاة التي يحبها لا لأنه يسكن في حي شعبي عشوائي، ولكن لأنه كذب عليها وعلى الجميع!.

وأسمع من زميل آخر الآن كل يوم حكاية مختلفة عن اسباب كراهيته لنظام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ورجال ثورة يوليو الذي صادروا اراضي جده الباشا ومن والده المرحوم الذي يقول لي مرة إنه كان حكمدار في الشرطة ومدير أمن، وينسى أنه قال لي ذلك، ويحكي مرة أخرى عنه باعتبار أنه كان جنرالا في الجيش، وحارب في النكسة وفي النصر، ثم يتحول بعدها بفترة غير طويلة الى قاض ورئيس محكمة.

أما أحدث أكاذيبه لي فهي أن زوجته أمريكية، وأنه يتحدث معها الانجليزية، وقد نسي بالطبع أنني سبق أن التقيت به مع زوجته بالصدفة في أحد "المولات"، وكان مظهرها يدل على أنها عادية جدا، بل وبصراحة "بيئة طحن"!.

لكن حب "الفشخرة" وادعاء الانتساب الى الباشوات القدامى والجدد وعلية القوم وأصحاب النفوذ وعقدة الخواجة والاحساس بالدونية ومركبات النقص، كلها اسباب وراء أكاذيب هذا الزميل وغيره ومثله كثيرون.

والحقيقة أن هذه النزعة المتأصلة في بعض المصريين هي السبب في كثير من المشكلات التي نعاني منها والمصائب التي تحدث لنا، بل تكاد تكون السبب الحقيقي في خراب بعض البيوت .. وعنوسة البنات واحجام الشباب عن الزواج ..بل والسبب في كثير من جرائم الرشوة والسرقة والاختلاس، لأن محاولات البعض للظهور بمظهر لايتفق مع دخولهم الحقيقية ، وسعي البعض الآخر للتشبه بزملائهم أو جيرانهم أو اقاربهم ، حتى لا يبدو أنهم اقل منهم في الشأن أو المكانة ، وهذا ما يدفع البعض الى الكذب في بعض الأحيان، لتعويض الفارق المادي والاجتماعي ولو بالكلام، ويدفع آخرين الى الرشوة أو الحصول على المال بأي طريقة، حتى ولو كانت غير مشروعة، حتى لا يراهم الناس في وضع أقل من أقرانهم.

وقال لي مصري مغترب في احدى دول الخليج منذ سنوات طويلة، وفتح الله عليه كثيرا، بعد أن كان فقيرا، إنه لا يشعر بقيمة البدلة الغالية التي يرتديها، أو السيارة الفارهة التي يقودها، أو أي شئ يملكه او يشتريه أو يرتديه، إلا وهو في مصر، حيث يرى انعكاس صورة هذه الأشياء في عيون من يعرفهم، ويتحقق بنفسه من نظرات الاعجاب أو الحسد ..وبدون ذلك لا يشعر بأنه قد حقق شيئا.

بالله عليكم .. الا يحتاج الكثيرون منا الى الذهاب وفورا الى أقرب طبيب نفسي؟!

http://www.masrawy.com/News/Egypt/Politics/2009/june/11/Disease.aspx

No comments:

Post a Comment